فضاء المسرح هو تعبير هندسي معماري. ، ومن وجهة النظر فان فضاء المسرح هي مساحة معطاة ذات إمكانيات ، ولكنها أيضا محاطة بحدود، وكمساحة هندسية فان فضاء المسرح جزء من الفضاء اليومي وتوجد منفصلة وسابقة علي أي عرض.
وعلي الرغم من إن العرض داخل فضاء المسرح هو الذي يخلق الفضاء المسرحي إلا إنهما منفصلان عن بعضهما , وفي كل عرض فان الممثلين هم الذين يحددون مساحتهم الخاصة من خلال الكلمة ، والحركة ، والإشارة ، وبمساعدة الأدوات المسرحية والمشهد ،والإضاءة ، والمؤثرات السمعية ، وداخل هذه المساحة فيصبح للمسرح امتداد حسي.
=================
الحيز الاستثنائي الفارغ كما يسميه بيتر روك الفضاء المسرحي وكان هذا الموضوع يثير اهتمامي وفضولي، ليس من كونه الفضاء الذي يوحد ما بين الممثلين والمتفرجين في علاقة حية فحسب، بل من كونه وسيطا تخيليا مرئياً ودرامياً ومسرحياً مضيفا أن دراسته تبحث في جدلية العلاقة التي تربط بين الفضاء المسرحي بنية ومعماراً وبين الجانب الأيديولوجي لهذه العلاقة بمفهومه الأسطوري فالملحمي البريشتي وانتهاء بما تسمى اليوم التجارب البيئوية في منحاها الديمقراطي.
وأوضح يوسف أن كتابه يهدف إلى مواكبة مفاهيم الفضاء وديمقراطيتها التي تفجرت بشكل خاص مع أنطونان آرتو ومسرحه الطقسي، وبلغت ذروتها مع انتفاضة الطلاب في فرنسا عام 1968، والتي وجدت صداها الأوسع في التجارب المسرحية الأمريكية الحديثة كرد فعل على حرب الفيتنام، في نفس الفترة تقريباً، وانشغال هذه التجارب بموضوعة الفضاء المسرحي بشكل خاص، وربطه بموضوعة التمرد على السياسة والمجتمع والتمييز العنصري والطبقات،وقال : لكل هذه الأشياء، أحببت دراسة الفضاء المسرحي، باعتباره حقلاً مسرحياً واجتماعياً غنياً ومفتوح الآفاق إلا أنني عندما بدأت البحث عن معلومات ومصادر لهذا البحث، وجدت نفس غارقاً في كم لا يحصى منها فهناك مئات الكتب والدراسات الأوروبية، والعربية المترجمة، عملت على تناول المكان " المسرحي " وليس الفضاء وذلك من خلال البحث في تطور المنصات المسرحية، والأشكال المعمارية للمسرح والصالات والتقنيات والآلات والأغراض المستخدمة في بناء الديكور من لوحات مرسومة وفق مبدأ المنظور، وألوان وإضاءة وأزياء... الخ. ووجدت دراسات كثيرة تتناول جانب العلاقة ما بين المتفرجين والممثلين وتداخل أو انفصال هذين المكانين إلا أنني أستطيع القول أن أكثر ما كتب حتى الآن وحسب اطلاعي في هذا المجال لم يتجاوز الجانب السردي الوصفي التاريخي لهذه التطورات التقنية والمعمارية، وفي أحسن الحالات معالجتها من الجانب السوسيولوجي، الأمر الذي جعلني أتردد في اختيار موضوعة الفضاء المسرحي، كمادة للبحث، لأنني مهما حاولت فلن أضيف شيئاً جديداً في هذا الأمر، وفقاً للمنهج السابق، ولكنني سرعان ما غيرت رأيي في ذلك، بعد أن اطلعت على بعض الأبحاث والكتب السيميائية التي عملت على تطبيق السيمياء في مجالات أخرى غير لغوية، وخصوصاً ما قدمه بعض المنظرين في حلقة براغ عام 1931 عندما درسوا صفات العلامات وخصائصها في المسرح.
وقد لاحظت مدى الاهتمام الكبير من قبل الألسنية البنيوية والسيميائية بموضوعات مثل الزمن الدرامي والوظائف الدرامية والفواعل "الشخصيات" والعوالم الدرامية وتشكيلها، ولاحظت أيضاً الاهتمام الواسع بالفضاء الروائي والفضاء الشعري إلا أن الاهتمام السيميائي كان نادراً ومشتتاً فيما يتعلق بالفضاء الدرامي والمسرحي. وربما يعود ذلك إلى طبيعة المادة المدروسة وازدواجية خطابها خطاب النص وخطاب العرض وعدم قابليتها للتكرار الحرفي في الأماكن والأزمنة والمجتمعات المتغايرة، وكذلك نتيجة وجود أنساق علامات متعددة تشكل هذا الفضاء.
ويبين الكاتب مدى حجم الصعوبات التي عاناها في سبيل وضع كتابه هذا وفق مقومات علمية ومنطقية ساعياً قدر الإمكان إلى الإستفادة من نتائج دراسات علم السيمياء و تطبيقها في بحثه في دراسة الفضاء المسرحي مبيناً اعتماده على كتب علم الاجتماع والفلسفة والرياضيات لمقاربة الفضاء الروائي مع المسرحي.
وجاء الكتاب في ثلاثة فصول يشرح فيها الباحث تأثير جسد الممثل بما يصدره من إيماء وحركة على الفضاء والزمان المسرحيين إضافة إلى تأثيرات انساق المكان من إكسسوار وإضاءة في تحديد وتخيل الفضاء المسرحي مضافاً إليها ما يستخدمه الممثل من مكياج وأزياء على الخشبة
ونقرأ على صفحات الكتاب دور الإضاءة في تشكيل الفضاء المسرحي وارتباطها الوثيق بنسق الألوان في صياغة وصنع الفضاء من خلال الأشكال الشفافة المرسومة الموجهة والمضبوطة حيث تحدد هذه الإضاءة الفضاء الآني للخشبة عبر حركة الظل والنور التابعة للكتل والأجسام الموجودة على المسرح.
كما يبين يوسف وظيفة الموسيقى والمؤثرات الصوتية بما لها من تأويلات فلسفية ونفسية ودلالات صوتية في رسم الفضاء المسرحي عبر عدة أنواع للموسيقى كالثلاثية والعسكرية التي تسهم في تنظيم دخول وخروج الشخصيات مضافاً إليها دور المؤثرات الصوتية في الإيحاء بالفضاء للمتفرج كأصوات الحيوانات والطيور والعربات والسيارات وصرير الأبواب.
ويعتبر كتاب الدكتور أكرم يوسف الواقع في 130 صفحة من القطع المتوسط من البحوث المتميزة في المكتبة العربية لندرة المصادر التي تقدم مادة واضحة ومعمقة للباحثين والمهتمين الأكاديميين في مجال المسرح.
مقتبس بتصرف
وأوضح يوسف أن كتابه يهدف إلى مواكبة مفاهيم الفضاء وديمقراطيتها التي تفجرت بشكل خاص مع أنطونان آرتو ومسرحه الطقسي، وبلغت ذروتها مع انتفاضة الطلاب في فرنسا عام 1968، والتي وجدت صداها الأوسع في التجارب المسرحية الأمريكية الحديثة كرد فعل على حرب الفيتنام، في نفس الفترة تقريباً، وانشغال هذه التجارب بموضوعة الفضاء المسرحي بشكل خاص، وربطه بموضوعة التمرد على السياسة والمجتمع والتمييز العنصري والطبقات،وقال : لكل هذه الأشياء، أحببت دراسة الفضاء المسرحي، باعتباره حقلاً مسرحياً واجتماعياً غنياً ومفتوح الآفاق إلا أنني عندما بدأت البحث عن معلومات ومصادر لهذا البحث، وجدت نفس غارقاً في كم لا يحصى منها فهناك مئات الكتب والدراسات الأوروبية، والعربية المترجمة، عملت على تناول المكان " المسرحي " وليس الفضاء وذلك من خلال البحث في تطور المنصات المسرحية، والأشكال المعمارية للمسرح والصالات والتقنيات والآلات والأغراض المستخدمة في بناء الديكور من لوحات مرسومة وفق مبدأ المنظور، وألوان وإضاءة وأزياء... الخ. ووجدت دراسات كثيرة تتناول جانب العلاقة ما بين المتفرجين والممثلين وتداخل أو انفصال هذين المكانين إلا أنني أستطيع القول أن أكثر ما كتب حتى الآن وحسب اطلاعي في هذا المجال لم يتجاوز الجانب السردي الوصفي التاريخي لهذه التطورات التقنية والمعمارية، وفي أحسن الحالات معالجتها من الجانب السوسيولوجي، الأمر الذي جعلني أتردد في اختيار موضوعة الفضاء المسرحي، كمادة للبحث، لأنني مهما حاولت فلن أضيف شيئاً جديداً في هذا الأمر، وفقاً للمنهج السابق، ولكنني سرعان ما غيرت رأيي في ذلك، بعد أن اطلعت على بعض الأبحاث والكتب السيميائية التي عملت على تطبيق السيمياء في مجالات أخرى غير لغوية، وخصوصاً ما قدمه بعض المنظرين في حلقة براغ عام 1931 عندما درسوا صفات العلامات وخصائصها في المسرح.
وقد لاحظت مدى الاهتمام الكبير من قبل الألسنية البنيوية والسيميائية بموضوعات مثل الزمن الدرامي والوظائف الدرامية والفواعل "الشخصيات" والعوالم الدرامية وتشكيلها، ولاحظت أيضاً الاهتمام الواسع بالفضاء الروائي والفضاء الشعري إلا أن الاهتمام السيميائي كان نادراً ومشتتاً فيما يتعلق بالفضاء الدرامي والمسرحي. وربما يعود ذلك إلى طبيعة المادة المدروسة وازدواجية خطابها خطاب النص وخطاب العرض وعدم قابليتها للتكرار الحرفي في الأماكن والأزمنة والمجتمعات المتغايرة، وكذلك نتيجة وجود أنساق علامات متعددة تشكل هذا الفضاء.
ويبين الكاتب مدى حجم الصعوبات التي عاناها في سبيل وضع كتابه هذا وفق مقومات علمية ومنطقية ساعياً قدر الإمكان إلى الإستفادة من نتائج دراسات علم السيمياء و تطبيقها في بحثه في دراسة الفضاء المسرحي مبيناً اعتماده على كتب علم الاجتماع والفلسفة والرياضيات لمقاربة الفضاء الروائي مع المسرحي.
وجاء الكتاب في ثلاثة فصول يشرح فيها الباحث تأثير جسد الممثل بما يصدره من إيماء وحركة على الفضاء والزمان المسرحيين إضافة إلى تأثيرات انساق المكان من إكسسوار وإضاءة في تحديد وتخيل الفضاء المسرحي مضافاً إليها ما يستخدمه الممثل من مكياج وأزياء على الخشبة
ونقرأ على صفحات الكتاب دور الإضاءة في تشكيل الفضاء المسرحي وارتباطها الوثيق بنسق الألوان في صياغة وصنع الفضاء من خلال الأشكال الشفافة المرسومة الموجهة والمضبوطة حيث تحدد هذه الإضاءة الفضاء الآني للخشبة عبر حركة الظل والنور التابعة للكتل والأجسام الموجودة على المسرح.
كما يبين يوسف وظيفة الموسيقى والمؤثرات الصوتية بما لها من تأويلات فلسفية ونفسية ودلالات صوتية في رسم الفضاء المسرحي عبر عدة أنواع للموسيقى كالثلاثية والعسكرية التي تسهم في تنظيم دخول وخروج الشخصيات مضافاً إليها دور المؤثرات الصوتية في الإيحاء بالفضاء للمتفرج كأصوات الحيوانات والطيور والعربات والسيارات وصرير الأبواب.
ويعتبر كتاب الدكتور أكرم يوسف الواقع في 130 صفحة من القطع المتوسط من البحوث المتميزة في المكتبة العربية لندرة المصادر التي تقدم مادة واضحة ومعمقة للباحثين والمهتمين الأكاديميين في مجال المسرح.
مقتبس بتصرف
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire